غزة عروسة فلسطين..

رائحة البحر المالحة تعبق أراضيها ..تمتزج برائحة الأرض الندية والتربة البنية...تسمع فيها أصوات الشوارع البعيدة ..صوت بائع الخضار المتجول إلى بائع المكسرات إلى بائع الخبز وصولا إلى المطاعم البسيطة المتزاحمة بالأصوات والناس...
تنتقل بعينيك إلى المباني والمنازل ..فتبحر في النظر من بناية مهدمة الأطراف إلى أخرى ذات جدران تتكسر إلى غيرها من البنايات البسيطة...تمشي في ممراتها وإذ بالأطفال يلعبون بالحجر والبندقية وآخرون علت أصواتهم وهم ينشدون أجمل الأناشيد الوطنية ..وترى شبانا يلتفون حول طاولة في ساحة منزلهم الأمامي وقد جمعوا كتبهم منهمكون في دراسة جادة...
وترى النساء بعضهن غلب على وجوههن الحمرة أمام الفرن وبأيديهن عجين يصنعن منه الخبز ..وترى بعضهن يتنقلن من بيت لآخر ...
تقطع مسافات أكثر فتصل إلى منطقة مليئة بأصوات الآلات والمحركات وأصوات أصحاب العمل يصرخون في هذا ويعطون أوامر لهذا...ترى الرجال وحتى الصبية يعملون بجدية ..يمسحون عرقهم بأيديهم من شدة العمل ..
يحل الليل عليك وتبدأ الأضواء تعم أرجاء المنطقة..فمن أضواء المحلات إلى أضواء المنازل إلى أضواء الأعراس وصولا إلى أضواء الشوارع والطرقات والممرات ...
تبدأ العائلة بالتجمع ..فتبدأ مراحل ما قبل النوم من لقاء وعشاء وتسلية ومن ثم النوم ..تصبح المنطقة تتقلص من ناحية الإنارة إلى أن تصل إلى مرحلة ظلام سائد ...
كان يحدث ذلك كل يوم..حياة طبيعية ..إلا أن جاء ذلك اليوم ..ففي عصر أحد الأيام كان الجميع يغط في عمله ..فالطالب يحمل كتاب ويحفظ ..والمريض ينتظر الشفاء ليخرج ..والعامل ينتقل من آلة إلى أخرى ..والأم تطبخ ..والأطفال يتجولون ويلعبون وبعضهم يشاهد التلفاز ...
إلا أن جاءت تلك اللحظة ..التي عم فيها الهدوء أرجاء المنطقة ..الكل ينظر إلى من يجاوره ..كانت الشمس قد بدأت بالغروب ..وبدأ الظلام يتسلل ..توقف كل شيء..قطع التيار الكهربائي من قِبل اليهود ..عاش الجميع لحظة صمت رهيب ..تبعها هرولة إلى العائلة التي ما أن قطعت الكهرباء شعروا بإنقطاع الحياة ..توقفت الآلات ..توقفت الأجهزة ..توقف العمل ..توقفت أضواء ذلك العرس ..وتوقف جهاز تلك المريضة ..لم تنر أضواء الشوارع كالعادة والمحلات ابتلعها وحش الظلام ..نعم عم الظلام على تلك العروس ..تنظر إليها من الأعلى فبعد تلك الأضواء التي كانت تملئ المكان بدت كأنها غير موجودة ...لكن ..هناك ضوء خافت قادم من هذا الإتجاه ..يا إلهي هناك العديد منها ..هنا وهناك وأيضا هنا وفي هذا الجانب ..ما هذا أ يعقل أنه أعيد التيار ....
اقتربت ..ما كانت سوى مجرد شمعة ..وقفت بجانبها شمعة أخرى ..حتى أصبحت غزة تلك العروس التي توجت بالشموع ولبست ثوب العزة والكرامة مضاءة بنور شمعة القلوب ..هي فعلا عروس فلسطين ..هي غزة..

» عذراً فلسطين ..
» لك فلسطين
» لكل شهداء فلسطين
» في حب فلسطين
» في حب فلسطين.......