صمود تحت سقف من قماش!..
شهقة ألم تربّع بسائر الجسد وصرخة وطن اغتصب!
زفرة الحقّ المسلوب ونغمة الوجع المعجون برواية الكفاح!
يدقّ الغروب ويفترش قلبها أكفان الموت بدقائق الدمع المنثورة على قدسية أرضها..
فتترنّح على ضفة ذكريات استبيحت!
وأرواح زرعت بين الشقوق حلما وبين المحن أملا!
وسط حلكة الظلم وعتمة الدهر!
وحيدة فوق غمام تعربد بالذكرى وشاخ!
بين هول الصمت وسكينة الروح المترامية بأحضان السجود!
التحفت الصمود وشاحا في زمن ترسانة الحرمان!
وافترشت أرضا طاهرة مقدّسة راسخة عليها تأبى الخضوع..
شموخ رغم الجوع والفقر والضنك
تكابد آلام التشريد ومشاقّ الحياة بل وغصّة الفقد ولوعة الوحدة!
ثابتة على حقّ يأبى النسيان..
في عيونها..
ترمق سنابل أمل خطّت تفاصيل الوطن!
وترتسم على شفتيها ابتسامة صابر محتسب..
رغم اللهب الذي يكسرها! تشقّ ملامح النصر خطواتها الأولى مترقبة فجر الحرّية!
ببيتها آمنة..
وفجأة!!
تقرع الأبواب ويطلق الرصاص ويعتدى على الزوج..
نال منه المحتل الغادر.. وألجمه جروحا بعمق النزف!
.
وهوى أرضا..
تتثاقل جثّته الملطخة بدم الكرامة!
بين أنفاس روحه التي أوشكت على الفناء..
وعينيه اللتين لم تريا ضياء الحرية بعد!
يمنع من ضماد لجروحه الغائرة!..
بصعوبة بالغة نقل إلى المشفى!
لا زالت سبّابته تمتد إلى السماء..
ويتصارع الوجع والألم بين الفينة والأخرى على جسده
ولكن قدر الله غالب
فها هو ذا.. يلقّن من حوله أسطورة الثبات واسترجاع حقّ الحريّة المسلوب..
سكن الجمع!
وإذا به ينتفض وقد قاسم الألم طيلة عمره!
متمتما بأن "لا إله إلا الله محمد رسول الله"..
ثمّ فاضت روحه.. وارتقى شهيدا بإذن الله..
..
..
..
واحسرتاه!! أم واغوثاه؟!!
أمات المعين.. أمات الرفيق.. أم مات الأمل المشعشع بجدران الزوجة!
ها هي جرعة أخرى من مرارة العلقم.. ورماد آخر من رياح الغربة!
لكّنها روح مؤمنة.. وأم مناضلة ومجاهدة ثابتة وصابرة!
محتسبة الأجر عند خالقها.. تردد على مسامعها:
(ولا تحسبنّ الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربّهم يرزقون)
ومضت الأيام ولا زالت يد الطغيان تجرّعها المرارة حتى الثمالة!
يصادر البيت! وترحّل الأسرة!.. ويشتت الشمل بعد أن فرّقهم القدر..
أوّاه..
أنرّحل من مأوى جمع الذكرى واحتضن السنين الغابرة!؟!
أنخضع ونركع!؟! ونسلّم الروح التي عانقت أجسامنا؟!
أيدنس النقاء المفروش على الثرى الطاهر!..
أيزيّف التاريخ وتختلف أسماء المعالم والشوارع بأوراق وقوانين..
تحت يد الطاغي المستوطن!؟!..
أيهدم البيت وتتناثر الأوجاع والعالم يخرسه الصمت!
لكن الابتسامة هي هي..
أبية على الذل والانكسار!..
لا زالت ترفع راية الشموخ!.. تحت سقف من قماش تقاوم زمهرير الشتاء!
في "خيمة الصمود".. على بعد عدّة أمتار من منزلها المستباح!
متحدّية جبروت الصمت وفرعنة الطغاة!
رعبهم من خيمة دفعهم لاجتثاثها..
لكنّها تعاود البناء كلّما أعادوا الكرّة..
مجسّدة أرقى مثال في حب الوطن والتعلق به..
لا زالت.. تنشد ألحان الثورة وأهازيج البطولة..
لا زالت.. تلقّن الأجيال رواية جبال شامخة كالرّواسي ممتدة إلى أحياء القدس العتيقة!
بحروف تكللت بالكثير من الفخر! وشيء من الحزن!
أبعثها..
لروح تصرخ عزّة وكفاحا..
لروح قدمت شطر روحها بل كلّها فداء وذودا عن محبوب اسمه [ الوطن ]
لروح أنبتت بستان سعد صبر إيمان..
لروح قالت: "أنا أبية أنا صامدة أنا فلسطينيّة أنا مقدسيّة أنا الحريّة"..
لروح أمّنا: "وأم كل شهيد "
لله درّك.. لله درّ القلب الذي تحملين..
أنت بصمة في التاريخ لن تزول..
فلك بشارة الرحمن بإذنه سبحانه:
(وعد اللّه الّذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)