اللعنة قصة قصيرة

لن تتخيل المشهد مهما حاولت !

ولن تتصور أيضاً حجم الذُعر الذي عبرّت عنه كل تقاطيع وجهه عندما رأى تحوّل العشاء المسلّي الذي كان يقضيه مع صديقه الوحيد إلى واحدة من الكوابيس ذات الطراز اللعين !!

نعم .. هذا ما قاله المشهد تحديداً .. إنه مشهد حقيقي .. فصديقه لا يعرف التمثيل أبداً .. وبهذا الإتقان

كانت الأمور تجري على طريقتها المعتادة .. إنه يوم الخميس .. وقد تعوّد محمود أن يلقى صديقه صالح في تمام التاسعة ليتناولا معاً العشاء في ذلك المطعم التركي الشهير .. حيث تعرفا فيه على بعضهما البعض منذ 3 أو 4 سنين تقريباً ، لا يهم تحديد المدة .. فقد مرت السنين وتأقلما مع بعضهما البعض سريعاً ووجدا أشياءاً كثيرة مشتركة بينهما .. هما وحيدان في الغربة .. والغربة دائماً ما تحتاج إلى صديق .. صديق من النوع المخلص !

في لحظات .. تحول الكلام عن الحياة والعمل إلى مشهد ذعر حقيقي عندما احتقن وجه صالح بشدة وضرب بقبضة يده على الطاولة صارخاً في وجه محمود: (( تقول أني مجنون .. ها .. والآنن استدرجتني إلى هنا حتى يأخذني هؤلاء الإثنان إلى المصحة؟؟ صحيح؟؟!! انطق ؟؟!! ))

لم يستوعب محمود الموقف .. انتابته حالة من الذهول .. نظر إلى حيث أشار صالح بيده الأخرى في الهواء محاولاً أن يرى “هؤلاء الإثنين” ، لم يجد سوى طاولات المطعم يجلس عليها الناس ويتابعون المشهد في استغراب !

محمود: (( مجنون ؟؟ ماذا تقول يا صالح؟؟ وأي اثنين تتحدث عنهما؟؟ ))

بكل قوة الدنيا جذب صالح بذراعه المفتولة عنق صديقه وثبّت رأسه على الطاولة .. حاول الأخير أن يقاوم بكلتا يديه لكنه هدأ عندما نظر إلى صالح وهو يثبّت بيده الثانية شوكة تجاه عنقه صارخاً في وجهه:
( أنت الذي جئت بهما .. أنا لست مجنوناً .. أنا لست مجنوناً .. )

ثم نظر إلى الرجلين : ( سوف أقتلكم جميعاً .. أنا لست مجنوناً .. )

في خطواتٍ حذرة اقترب منه ضخما الجثة في ثوبهما الأبيض .. مدا ذراعيهما إلى صالح .. قال أحدهما بكل هدوء:
( أرجوك يا مصطفى .. دع هذه الأوهام ، اترك المخدة .. ولا تؤذ نفسك بتلك الشوكة .. اهدأ أرجوك )

قبض مصطفى على رأس محمود بشدة لم يستطع معها الأخير المقاومة وقبضت يده على الشوكة وكأنه سيهوي على عنق صديقه بعنف ، صرخ في وجههما:
( إن اقتربتما خطوة واحدة سأغرس هذه الشوكة في عنق هذا الغبي )

ساد الصمت قليلاً ..

تحوّل المكان إلى لون أبيض ..

إنه لون غرفة ..
نعم غرفة .. بها سرير وجهاز تليفزيون ..
تبدو خاليةً تماماً من أي نوع من الرفاهية ..

أعتقد أنها غرفة أحد المرضى بأحد المستشفيات النفسية ..

في الحقيقة هي غرفة “مصطفى” ..
مصطفى المصاب بحالة متأخرة من الشيزوفرينيا ..

قال الرجلان في هدوء:
( أستاذ مصطفى .. لا يوجد محمود هنا .. ولا يوجد أي شيء مما تراه الآن .. صدقنا هذا غير حقيقي ! )

******

إنها الساعة العاشرة ..

تناولت الـ”كباب دونار” –أكلتي التركية المفضلة- ..
وانتهيت للتو من كتابة مشهد جديد ..
مشهد إختلط فيه الوهم بالحقيقة ، حتى أصبح من المستحيل الفصل بينهما ! ..
إذا سألتني عن رأيي الشخصي كمؤلف ! ، سأقول لك بكل صراحة:
إننا الآن نقف في منطقة وسط بين عالمين .. لا أعلم أيهما حقيقي وأيهما وهماً ..
هذا هو الامر بكل بساطة ..

لا تمتعض .. إننا نعيش أصلاً حياة حقيقية ، وبين قوسين: كما نعتقد ! ..
هذه الحياة قد تكون حالة شيزوفرينيا لا نرى إلا نصفها فقط !!! ..
حالة شيزوفرينيا .. لم نكتشفها بعد !!!

اللعنة !

_______________________
“إننا نؤمن بسلامة عقولنا .. لكننا لا يجب أن نثق فيها دائم

جزاك الله كل خير أخي الكريم
وجعله في ميزان أعمالك
ونفع بك..............

جزاااااااااااااك الله كل خير
قصة جميلة

» قصة قصيرة مقايضة
» قصة قصيرة عن الحب
» كلمات قصيرة تعلمك الكثير