. مجزرة دير ياسين : 9 – 10/4/1948 (مصرع 254 رجلاً وامرأة وطفلاً منهم 25 امرأة حامل و52 طفل دون سن العاشرة وجرح المئات)
لكي يدفع العرب الفلسطينيين العزّل الغير مسلّحين لترك بيوتهم. المجموعاتالإرهابية اليهودية مثل الإرجون و الهاجانا و السترنج لجأت للإرهاب بعد فشل طرقأخرى عديدة. في 9 أبريل/نيسان 1948، جماعة الإرجون تحت قيادة مناحيم بيجين (فيمابعد أصبح رئيس لوزراء إسرائيل وزعيم للمعارضة في البرلمان الإسرائيلي)، هاجمت قريةعربية صغيرة تسمى دير ياسين قرب القدس. عدد القتلى في هذه المذبحة البربرية وفق جاكرينير (المندوب الرئيسي للصليب الأحمر الدولي)، الذي أستطاع الوصول للقرية وشهدأثار المذبحة يقدر بثلاثمائة شخص وقد أضاف "لقد ذبح بدون أيّ سبب عسكري أو استفزازمن أيّ نوع رجال، نساء، عجائز، أطفال، حديثي المولد قتلوا بشكل وحشي بالقنابلوالسكاكين على يد القوّات اليهودية لإرجون، تحت سيطرة رؤسائهم."
الهدف وراءمذبحة دير ياسين كان إفزاع العرب السكان المدنيين، وإجبارهم للهروب لضمان سيطرتالصهاينة على الأرض خالية من سكانها الأصليين. الخطة أفلحت وهرب العرب من الإرهاب،لإنقاذ حياتهم. قبل 15 أيار/مايو 1948، بينما الحكومة البريطانية ما زالت مسئولة،إحتلّ اليهود العديد من المدن العربية مثل يافا وحيفا وأعداد كبيرة من القرى التيكانت في دّاخل الإقليم المخصّص بقرار الأمم المتحدة للدولة العربية و طرد أكثر من 300,000 ساكن من بيوتهم. في محاولة لمنع هذا المدّ من الهجرة، أرسلت الدول العربيةالمجاورة جيوشها في 15 أيار/مايو 1948 إلى فلسطين. في 15 تموز/يوليو 1948 فرضتالأمم المتّحدة الهدنة النهائية بين إسرائيل والعرب، وبذلك تكون إسرائيل احتلت جزءأكبر من الإقليم المخصص لها بقرار التقسيم.
في ليلة 9 أبريل/نيسان 1948، الإرجون حاصروا قرية دير ياسين، الواقعة على أطرافالقدس. هاجم إرهابيو مناحيم بيغن القرية التي سكانها حوالي 700 شخص، قتل منهم 254أغلبهم من العجائز والنساء والأطفال وجرح 300 آخرون. ترك الإرهابيون العديد منالجثث في القرية، واستعرضوا بما يزيد عن 150 امرأة وطفل مأسورين في القطاع اليهوديمن القدس.
الهاجانا والوكالة اليهودية، الذي شجبا بشكل عامّ هذا العملالوحشي بعد كشف التفاصيل بعد بضع أيام، عملا على منع الصليب الأحمر من التحقيق فيالهجوم. سمح بعد ثلاثة أيام من الهجوم من قبل جيش الصهاينة للسيد جاك رينير، الممثلالرئيسي للجنة الصليب الأحمر الدولية في القدس، بزيارة القرية المحاصرة بجيشالصهاينة.
وقّع القرويّين من دير ياسين معاهدة عدم اعتداء مع زعماء الجواراليهود، ووافقوا على منع أفراد جيش المجاهدين العرب من استعمال القرية كقاعدةلعملياتهم.
بيان جاك رينير
الممثل الرئيسي للجنة الدولية للصليب الأحمر
" يوم السبت، 10 أبريل/نيسان، بعد الظهر، استقبلت مكالمة هاتفية من العربيستجدونني للذهاب حالا إلى دير ياسين حيث ذبح السكان المدنيين العرب في القريةبالكاملة.
علّمت بأنّ متطرّفين من عصابة الإرجون يحمون هذا القطاع، الواقعقرب القدس. الوكالة اليهودية ومقر عام الهاجانا العامّ قالوا بأنّهم لا يعرفون شيءحول هذه المسألة وعلاوة على ذلك بأنه يستحيل لأي احد اختراق منطقة الإرجون.
وقد طلبوا من بأنّ لا أشترك في هذه المسألة للخطر الممكن التعرض له إذاذهبت إلى هناك. ليس فقط أنهم لن يساعدونني لكنّهم يرفضون تحمل أي مسؤولية لما سيحدثبالتأكيد لي. أجبت بأنّني سوف أذهب إلى هناك حالا، تلك الوكالة اليهودية سيئةالسمعة تمارس سلطتها على الأقاليم التي تحت أيادي اليهودي والوكالة مسئولة عن حريتيفي العمل ضمن تلك الحدود.
في الحقيقة، أنا لا أعرف ما يمكن أن أعمل. بدوندعم اليهود يستحيل الوصول لتلك القرية. بعد تفكير، فجأة تذكّر بأنّ ممرضة يهودية منأحد المستشفيات طلبت مني أن آخذها إلى هناك و أعطتني رقم الهاتف الخاص بها، وقالتبأنةّ يمكنني الاتصال بها عند الضرورة. اتصلت بها في وقت متأخر من المساء وأخبرتهابالحالة. أخبرتني بأنني يجب أن أكون في موقع اتفقنا علية في اليوم التالي فيالسّاعة السّابعة صباحا وللأخذ في سيارتي الشخص الذي سيكون هناك.
في اليومالتالي في تمام الساعة المحددة وفي الموقع المتفق علية، كان هناك شخص بالملابسالمدنية، لكن بمسدّس في جيبه، قفز إلى سيارتي وطلب مني السياقة باستمرار. بناء عليطلبي، وافق على تعريفي بالطريق إلى دير ياسين، لكنّه أعترف لي بأني لن يقدر على عملأكثر من ذلك لي و تركني لوحدي. خرجت من حدود القدس، تركت الطريق الرئيسي والموقعالعسكري الأخير ومشيت في طريق متقاطع مع الطريق الرئيسي. قريبا جدا أوقفني جنديانمسلحان.
فهمت منهم أنه يجب أن أترك السيارة للتفتيش الجسماني. ثمّ أفهمنيأحدهم بأنّي سجين لدية. و لكن الآخر أخذ بيدّي، كان لا يفهم الإنجليزية ولاالفرنسية، لكن بالألمانية فهمته تماما. أخبرني أنه سعيد برؤية مندوب من الصليبالأحمر، لكونه سجينا سابقا في معسكر لليهود في ألمانيا وهو يدين بحياته إلى بعثةالصليب الأحمر التي تدخّلت لإنقاذ حياته. قال بأنّي أكثر من أخّ له وبأنّه سوف يعملأي شيء أطلبة. لنذهب إلى دير ياسين.
وصلنا لمسافة 500 متر من القرية، يجب أنننتظر وقت طويل للحصول على رخصة للاقتراب. كان هناك احتمال إطلاق النار من الجانبالعربي في كلّ مرّة يحاول شخص ما عبور الطريق للقطاع اليهودي و كان رجال الإرجون لايبدون راغبين في تيسير الأمر. أخيرا وصل أحد الإرجون عيونه ذات نظرة باردة قاسيةغريبة. قلت له أنا في بعثة إنسانية و لست قادم للتحقيق. أريد أن أساعد الجرحى وأعيدالموتى.
علاوة على ذلك، لقد وقع اليهود اتفاقية جنيف ولذا فأنا في بعثةرسمية. تلك العبارة الأخيرة أثارت غضب هذا الضابط الذي طلب مني أن أدرك بشكل نهائيأن الإرجون هم وحدهم من له السيطرة هنا ولا أحد غيرهم، ولا حتى الوكالة اليهودية.
الدليل سمع الأصوات المرتفعة فتدخّل... بعد ذلك أخبرني الضابط أنة يمكننيفعل كل ما أعتقد أنة مناسب ولكن على مسؤوليتي الخاصة. روي لي قصّة هذه القرية التييسكنها حوالي 400 عربي، كانوا دائما غير مسلحين ويعيشون بتفاهم جيدة مع اليهودالذين حولهم. طبقا لروايته، الإرجون وصلوا قبل 24 ساعة وأمروا بمكبرات الصوت كافةالسكان للإخلاء كلّ المباني والاستسلام. بعد 15 دقيقة من الانتظار قبل تنفيذالأوامر. بعض من الناس الحزينين استسلموا و تم أخذهم للأسر وبعد ذلك أطلقوا نحوالخطوط العربية. البقية التي لم تطع الأوامر عانوا من المصير الذي استحقوا. لكن لاأحد يجب أن يبالغ فهناك فقط عدد قليل من القتلى الذين سيدفنون حالما يتم تطهّيرالقرية. فإذا وجدت جثث، فأنة يمكن أن آخذها معي، لكن ليس هناك بالتأكيد مصابين.
هذه الحكاية أصابتني بقشعريرة. قررت أن أعود إلى القدس لإيجاد سيارة إسعافوشاحنة. وبعدها وصلت بقافلتي إلى القرية وقد توقف أطلاق النار من الجهة العربية. قوّات اليهود في لباس عسكري موحّدة الكلّ بما فيهم الصغار وحتى المراهقون من رجالونساء، مسلّحين بشكل كثيف بالمسدّسات، الرشاشات، القنابل، والسكاكين الكبير أيضاوهي ما زالت دامية وهم يحملونها في أياديهم. شابة صغيرة لها عيون إجرامية، رأيتسلاحها وهو ما زال يقطّر بالدم وهى تحمل السكين كوسام بطولة. هذا هو فريق التطهّيرالذي بالتأكيد أنجز المهمة بشكل مرضي جدا.
حاولت دخول أحد المباني. كانهناك حوالي 10 جنود يحيطون بي موجهين لي أسلحتهم. الضابط منعني من دخول المكان. قالأنهم سوف يجلبون الجثث إلى هنا. لقد توترت أعصابي و عبرت لهؤلاء المجرمين عن مدىالسوء الذي أشعر به من جراء تصرفاتهم و أنني لم أعد أحتمل و دفعت الذين يحيطون بيودخلت البناية.
كانت الغرفة الأولى مظلمة بالكامل والفوضى تعم المكان وكانتفارغة. في الثانّية وجدت بين الأغطية والأثاث المحطّم وباقي أنواع الحطام، بعضالجثث الباردة. كان قد تم رشهم بدفعات من الرشاشات و القنابل اليدوية و أجهز عليهمبالسكاكين.
كان نفس الشيء في الغرفة التالية، لكن عندما كنت أترك الغرفة،سمعت شيء مثل التنهد. بحثت في كل مكان، بين الجثث الباردة كان هناك قدم صغيرة مازالت دافئة. هي طفلة عمرها 10 سنوات، مصابة إصابة بالغة بقنبلة، لكن ما زالت حيّة. أردت أخذها معي لكن الضابط منعني و أغلق الباب. دفعته جانبا وأخذت غنيمتي الثمينةتحت حماية الدليل.
سيارات الإسعاف المحمّلة تركت المكان مع الطلب لهابالعودة في أقرب ما يمكن. ولأن هذه القوّات لم تتجاسر على مهاجمتي بشكل مباشرة،قررت أنة يجب الاستمرار.
أعطيت الأوامر لتحميل الجثث من هذا البيت إلىالشاحنة. ثمّ ذهبت إلى البيت المجاور وهكذا واصلت العمل. في كل مكان كان ذلك المشهدالفظيع يتكرر. وجدت شخصين فقط ما زالا أحيّاء، امرأتان، واحد منهما جدة كبيرة السن،أختفت بدون حركة لمدة 24 ساعة على الأقل.
كان هناك 400 شخص في القرية. حوالي 50 هربوا، ثلاثة ما زالوا أحياء، لكن البقية ذبحت بناء على الأوامر، منالملاحظ أن هذه القوّة مطيعة على نحو جدير بالإعجاب في تنفيذ الأوامر. "
رينير عاد إلى القدس حيث واجه الوكالة اليهودية ووبّخهم لعدم استطاعتهمالسيطرة على 150 رجل وامرأة مسلّحين مسئولون عن هذه المذبحة.
" ذهبت لرؤيةالعرب. لم أقول شيء حول ما رأيت، لكن أخبرتم فقط أنة بعد زيارة سريعة أولية إلىالقرية أن هناك عدد من الموتى وسألت ما يمكن أن أعمل أو أين أدفنهم. طلبوا مني أنأدفنهم في مكان مناسب يسهل تمييزه لاحقا. وعدت بعمل ذلك وعند عودتي إلى دير ياسين،كان الإرجون في مزاج سيئ جدا. وحاولوا منعي من الاقتراب من القرية وفهمت لماذا هذاالإصرار بعد أن رأيت عدد القتلى وقبل كل شيء حالة الأجسام التي وضعت على الشارعالرئيسي. طلبت بحزم بأنّ أستمر بعملية دفن القتلى وأصريتّ على مساعدهم لي. بعد بعضالمناقشة، بدأوا بحفر قبر كبير في حديقة صغيرة. كان من المستحيل التحقيق في هويةالموتى، ليس لهم أوراق ثبوتية، لكنّي كتبت بدقّة أوصافهم والعمر التقريبي.
يومان بعد ذلك، الإرجون اختفوا من الموقع و أخذت الهاجانا مكانهم. اكتشفناأماكن مختلفة حيث كومت الأجسام بدون حشمة أو احترام في الهواء الطلق.
ظهرفي مكتبي رجلان محترمين في الملابس المدنية. هم قائد الإرجون ومساعده. كان معهم نصّيطلبون مني التوقيع علية. هو بيان ينص على أني حصلت على كلّ المساعدة المطلوبلإنجاز مهمتي وأنا أشكرهم للمساعد التي أعطيت لي.
لم أتردّد بمناقشةالبيان، وقد أخبروني بأني إذا كنت أهتمّ بحياتي يجب على أن أوقّع فورا. "
حيث أن البيان مناقض للحقيقة، رينير رفض التوقيع. بعد بضع أيام في تل أبيب،قال رينير أنّة أقترب منه نفس الرجلان وطلبا مساعدة الصليب الأحمر لبعض من جنودالإرجون.
شهود عيان
الضابط السابق في الهاجانا، العقيد مير بعيل،بعد تقاعده من الجيش الإسرائيلي في 1972، أعلن بيانا حول دير ياسين نشر في يديعوتأحرونوت ( 4 أبريل/نيسان 1972) :
" بعد المعركة التي قتل فيها أربعة منالإرجون وجرح عدد آخر... توقّفت المعركة بحلول الظهر وانتهى إطلاق النار. بالرغم منأنه كان هناك هدوء، لكن القرية لم تستسلم إلى حد الآن. رجال الإرجون خرجوا منمخبئهم وبدأوا بعملية تطهير للبيوت. ضربوا كل من رأوا، بما في ذلك النساء والأطفال،ولم يحاول القادة إيقاف المذبحة... تذرّعت للقائد بأن يأمر رجاله لإيقاف إطلاقالنار، لكن بلا جدوى. في أثناء ذلك حمل 25 عربي على شاحنة وأخذوا أسرى . في نهايةالرحلة، أخذوا إلى مقلع للحجارة بين دير ياسين وجيفعات شول، وقتلوا عمدا... القادةرفضوا أيضا أن يساعد رجالهم في دفن 254 جثة للقتلى العرب. هذا المهمة الغير سارةأدّيت بوحدتان جلبت إلى القرية من القدس. "
زفي أنكوري، الذي أمر وحدةالهاجانا التي احتلت دير ياسين بعد المذبحة، قدّم هذا البيان في 1982 حول المذبحة،نشر في دافار في 9 نيسان/أبريل 1982 :
" دخلت من 6 إلى 7 بيوت. رأيت أعضاءتناسلية مقطوعة وأمعاء نساء مسحوقة. طبقا للإشارات على الأجسام، لقد كان هذا قتلامباشرا. "
دوف جوزيف، حاكم للقطاع الإسرائيلي للقدس و وزير العدل لاحقا،صرح بأن مذبحة دير ياسين " متعمّدة وهجوم غير مبرر. "
آرنولد توينبي وصفالمذبحة بأنها مشابه للجرائم التي أرتكبها النازيون ضدّ اليهود.
مناحيمبيجين قال " المذبحة ليست مبرّرة فقط، لكن لم يكن من الممكن أن توجد دولة إسرائيلبدون النصر في دير ياسين. "
بلا حياء من عملهم وغير متأثّرين بالإدانةالعالمية، القوات الصهيونية، مستعملة مكبرات الصوت، جابت شوارع المدن العربية مطلقةتحذيرات بأن " طريق أريحا ما زال مفتوح " وقد أخبروا عرب القدس بأنة " أخرجوا منالقدس قبل أن تقتلوا، مثل ما حدث في دير ياسين."