ذكرى النكبة: تأكيد حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية

ذكرى النكبة: تأكيد حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية

تحل اليوم الذكرى 62 لنكبة العام 1948، وسط انقسام فلسطيني وعربي حاد، وصلف إسرائيلي غير مسبوق في تحدي كل الإدانات والاحتجاجات لتصعيد أعمال الاستيطان تزامناً مع مساعي إطلاق عملية التسوية، فيما أكدت السلطة الفلسطينية حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة الى أرضهم وفقاً للقرار 194 وتمسكت بإقامة الدولة المستقلة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 5 حزيران (يونيو) 1967.
أما ميدانياً، وبينما نظمت حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" تظاهرتين في غزة أمس قبل أن تحيي الفصائل كلها المناسبة في تظاهرة مركزية في القطاع اليوم تحت راية العلم الفلسطيني فقط، بادرت القرى المبتلاة بجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية الى تحويل تحركها الأسبوعي المناهض للجدار، أمس، الى مناسبة لإحياء الذكرى الأليمة، لتقول إن الذاكرة لن تموت ما دام الفلسطينيون متمسكين بحقهم.
ولمناسبة الذكرى الـ62 للنكبة، قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن "النكبة لا تزال مستمرة. لذا، فإن التوصل إلى حلّ يستند إلى القرار 194 الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين يعتبر ضرورةً". وأضاف أن "إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس ضرورة، وكذلك إطلاق سراح كافة الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وحل جميع قضايا الوضع الدائم". وتابع عريقات أنه "يتعين على المجتمع الدولي أن يستخلص دروساً مهمة من النكبة وأن يجعل من هذه الذكرى مناسبةً يعلن فيها العالم، التزامه بالقانون الدولي وتمسّكه به"، مؤكداً أنه "لا توجد دولة فوق القانون".
وذكّر عريقات بأن "أكثر من 726000 مواطناً فلسطينياً هجروا قبل 62 سنةً من منازلهم وأراضيهم قُبيْل إقامة دولة إسرائيل. وحُرِم هؤلاء المواطنون الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم منذ ذلك الحين. كما دمّرت إسرائيل المئات من القرى والأحياء الفلسطينية(...). في هذا اليوم، يعيش ما يزيد عن 7 ملايين لاجئ فلسطيني في المنفى، من بينهم 1,3 مليون لاجئ لا يزالون يعيشون في 58 مخيماً من مخيمات اللاجئين التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينية (الأونروا). لقد تم الإقرار بحقوق اللاجئين واحترامها في النزاعات الأخرى، بما في ذلك حقهم في العودة إلى أوطانهم وإعادة أوضاعهم إلى ما كانت عليه وتعويضهم عمّا لحق بهم من أضرار. وفي المقابل، ترفض إسرائيل حتى الاعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، وهي لا تزال بالتالي تحرمهم من حقوقهم الأساسية".
وأكد عريقات أن "النكبة التي تعرضت لها فلسطين لا تزال مستمرةً وقائمةً حتى هذا اليوم. فالممارسات والسياسات التي تنتهجها إسرائيل، والتي تتمثل في طرد السكان من منازلهم، وهدم بيوتهم، وإبعادهم عن أرضهم، ومواصلة النشاطات الاستيطانية وبناء الجدار العازل وفرض الحصار والإغلاق على الضفة الغربية وقطاع غزة، تولِّد أمواجاً جديدةً من المواطنين الذي يُجبَرون على النزوح من أماكن سكناهم".
ودعا عريقات "الأسرة الدولية إلى تحمُّل مسؤولياتها في حماية قواعد القانون الدولي ومبادئه من خلال ممارسة الضغط على إسرائيل لوضع حدّ لهذه السياسات والممارسات على الفور".
الى ذلك، أصيب فلسطينيان بالرصاص أمس إلى جانب عشرات حالات الاختناق والإغماء، واعتقل مصور صحافي يعمل لدى قناة "العربية"، إثر قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة بلعين الأسبوعية المناهضة لجدار الفصل العنصري والاستيطان.
وأحيا أهالي بلعين ومعهم أصدقائهم المتضامنين الأجانب ومحبي السلام الإسرائيليين ومواطنين من القرى المجاورة وممثلين عن القوى الوطنية والإسلامية، الذكرى الـ62 للنكبة، في المسيرة الأسبوعية المناهضة للجدار.
ووقف ثلاثة من أبناء القرية جسدوا شخصية حنظله أمام مفتاح عملاق بطول خمسة أمتار كُتب عليه الرقم (62) دلالة على سنوات النكبة، وتعبيراً عن التمسك بحق عودة اللاجئين إلى الوطن والديار التي طردوا منها عام 1948، الذين ما زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم وأوراق الطابو التي تثبت ملكيتهم لتلك البيوت، وتمسكاً بالهوية الفلسطينية، والثوابت الفلسطينية.
وفي الإطار ذاته، أقامت اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار العنصري والاستيطاني في قرية نعلين شمال رام الله، خيمة اعتصام في البلدة، لمناسبة الذكرى الـ62 للنكبة.
وشدد المواطنون ممن أموا خيمة الاعتصام على ضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه إلزام إسرائيل بالاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرار الأممي 194.
كما سار أهل البلدة والمتضامنون الأجانب في مسيرتهم الأسبوعية المناهضة لجدار الفصل العنصري، وتعرضوا لقمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن إصابة عدد من المشاركين في المسيرة بحالات إغماء جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع، فيما اعتدى الجنود على العديد منهم بالضرب.
واعتصم نحو 200 مزارع فلسطيني أمس أمام بوابة جدار الفصل العنصري المقامة على مقطع الجدار في بيت اجزا قضاء القدس، احتجاجاً على قيام قوات الاحتلال بمنعهم من الدخول إلى أراضيهم المعزولة خلف الجدار للشهر الثاني على التوالي، واستذكاراً للنكبة.
وقال شهود إن قوات الاحتلال قمعت المشاركين بالاعتصام، وأطلقت باتجاههم قنابل الغاز المسيل للدموع الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط، واعتدوا على العديد منهم بالضرب واحتجزوا مزارعين منهم.
وفي بيت لحم دعا مشاركون في مسيرتي الولجة وجورة الشمعة المجتمع الدولي التدخل لإيقاف كل الانتهاكات الإسرائيلية بحق الإنسان الفلسطيني وممتلكاته من خلال سرقة الأرض لصالح الاستيطان وجدار الفصل العنصري.
وفي قطاع غزة شارك آلاف الفلسطينيين في تظاهرتين نظمتهما حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بعد ظهر أمس.
وجابت تظاهرة "حماس" مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة ورفع المشاركون شعارات شددت على "حق عودة كل اللاجئين" الفلسطينيين الى "ديارهم التي هجروا منها"، مؤكداً أن "لا تنازل عن حق العودة".
وفي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة شارك آلاف في تظاهرة مماثلة نظمتها حركة الجهاد الإسلامي. وجاب المتظاهرون شوارع وأزقة المخيم وهم يرفعون أعلاماً فلسطينية ورايات الحركة.
وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين ورئيس اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة زكريا الآغا أعلن أول من أمس أن القوى الوطنية والإسلامية اتفقت على مسيرة موحدة ستنطلق ظهر اليوم من ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة إلى مقر الأمم المتحدة، تشارك فيها حركتا "فتح" و"حماس" تحت مظلة العلم الفلسطيني فقط.