وقال سبنسر:
" إننا مضطرون إلى الاعتراف بأن الحادثات مظاهر قدرة مطلقة متعالية عن الإدراك. وان الأديان كانت أول من قبل هذه الحقيقة العلوية ولقنها. ولكنها نشرت أول الأمر ممزوجة بالأباطيل"؟
وسبنسرهذاغير متدين.
إن العقول السليمة تتلاقى على الحق، وكلما زادت علما كان تلاقيها على الحق أيسر واقرب. ومن أجل هذا رأينا العلماء بعد ذلك الإنتكاس المادي الذي اعترى بعضهم في أواخر القرن التاسع عشر يرجعون إلى التلاقي على الحق، ويكادون يجمعون اليوم إجماعا بلسان أكابرهم على أن هذه القوانين والنواميس التي نشأت على أساسها الحياة وتطورت، تنطوي على وحدة في القصد، والإرادة، والعناية، والحكمة. يستحيل معها على العقل السليم المفكر أن يؤمن بأن هذه الحياة خلقت وتطورت بالمصادفة العمياء. فهذا اللورد "كلفن" العالم الإنجليزي الكبير يعلن هذا الإيمان على الناس، ويسخر من القائلين بالمصادفة في خلق هذه الحياة، ويعجب من إغضاء بعض العلماء عما في آثار الحكمة والنظام من حجة دامغة، وبرهان قاطع على وجود الله ووحدانيته حيث يقول:
" يتعذر على الإنسان أن يتصور بداية الحياة أو استمرارها دون أن تكون هناك قوة خالقة مسيطرة. واني لأعتقد من صميم نفسي أن بعض العلماء في أبحاثهم الفلسفية عن الحيوان قد أغضوا إغضاء عظيما مفرطا عما في نظام هذا الكون من حجة دامغة، فان لدينا فيما حولنا براهين قوية قاطعة على وجود نظام هذا الكون من حجة دامغة. فان لدينا فيما حولنا براهين قوية قاطعة على وجود نظام مدبر وخير. وهي براهين تدلنا بواسطة الطبيعة على ما فيها من أثر إرادة حرة، وتعلمنا أن جميع الأشياء (الحية) تعتمد على خالق واحد أحدي ابدي".
وهذا "أينشتين" العظيم يأتي من بعد "كلفن" ليقول:
"إن جوهر الشعور الديني في صميمه هو أن نعلم بان ذلك الذي لا سبيل لمعرفة كنه ذاته موجود حقا، ويتجلى بأسمى آيات الحكمة وابهى أنوار الجمال. وإنني لا أستطيع أن أتصور عالماً حقاً لا يدرك أن المبادئ الصحيحة لعالم الوجود مبنية على حكمة تجعلها مفهومة عند العقل. فالعلم بلا إيمان يمشي مشية الأعرج، والإيمان بلا علم يتلمس تلمس الأعمى".