منتدى عشاق الجنة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اهلا بك يا زائر في منتديات عشاق الجنة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
t-a-s (79)
تواقيع إسلامية
تواقيع إسلامية
تواقيع إسلامية
تواقيع إسلامية
تواقيع إسلامية
تواقيع إسلامية
تواقيع إسلامية
تواقيع إسلامية

 

 اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
امجد توفيق
عضو مميز جداا
عضو مميز جداا
امجد توفيق


عدد المساهمات : 138
تاريخ التسجيل : 22/06/2010

اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها  Empty
مُساهمةموضوع: اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها    اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها  Emptyالجمعة ديسمبر 17, 2010 7:25 am

قــــصـــة أبـا قــــدامـــة الشــامي .. الله أكبــــر .. الله أكبـــــر

فلله .. كم من صالح وصالحة اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها .. من حسن أعمالهم وطيب أخبارهم ولذة مناجاتهم ..
وكان لكل واحد منهم .. ولكل واحدة منهن مع الله جلا جلاله أخبــار وأســرار .. لم يطلع عليها غيره أبداً .. جعلوها بين أيديهم عنده عددا .. لا يطلبون جزاءهم إلا منه .. فطريقهم إليه .. ومعوّلهم عليه .. ومآلهم يكون بين يديه ..
المشتاقون إلى الجنة .. لهم مع ربهم تعالى أخبــار وأســرار
فإليكم شيئا من أخبارهم وطرفاً من أسـرارهـم ..
..................................................
كان هناك رجل من الصالحين اسمه .. أبو قدامة الشامي ..
كان رجلاً قد حُبب إليه الجهاد والغزو في سبيل الله .. فلا يسمع بجهاد بين المسلمين والكفار ولا بغزو في سبيل الله لنصرة الإسلام إلا وسارع وجاهد مع المسلمين هناك ..


جلس أبو قدامة يوماً في الحرم المدني .. فسأله سائل فقال :

" يا أبا قدامة حدثنا بأعجب ما رأيته من أمر الجهاد والغزو .. أنت رجل قد أكثرت من الجهاد في سبيل الله .. ومن حضور المعارك التي بين المسلمين والكفار .. فحدثنا بأعجـب مـا رأيته من أمر الجهاد والغزو "


فقال أبو قدامة : إني محدثكم عن ذلك ..

خرجت مرة مع أصحاب لي إلى الرقة لنقاتل بعض المشركين في الثغور .. والثغور هي مراكز عسكرية تُجعل على حدود البلاد الإسلامية لصد الكفار عنها ..

فلما نزلت في الرقة وهي مدينة في العراق على نهر الفرات .. اشتريت منها جملاً أحمل عليه سلاحي ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم على الجهاد في سبيل الله والإنفاق لنصرة الإسلام الذي جعلهم الله قائمين عليه ..

قال أبو قدامة .. فلما تكلمت في بعض مساجدها .. ودعوت الناس للخروج للقتال في سبيل الله ..

ثم جنَّ عليّ الليل .. اكتريت منزلاً أبيت فيه .. فلما ذهب بعض الليل .. فإذا الباب يُـطــرق علي ..

فعجبت عجبـاً شديداً .. من هذا الذي يطرق عليّ الباب !! .. فأنا رجل غير معروف في هذه البلاد !! .. وليس لي بأحد اتصال ولا معرفة .. فمن هذا الذي سوف يأتي إلي في هذه الظلمة !!

قال : فلما فتحت الباب وأنا وجل .. فإذا بامرأة متحصنة عفيفة .. قد تلفعّت بجلبابها فلا ترى منها شيئا ..

قال فلما رأيتها فزعت منها وقلت .. يا أمة الله ما تريدين رحمك الله !! ..

قالت لي .. أنت أبو قدامة ؟
قلت .. نعم

قالت .. أنت الذي جمعت المال اليوم بالثغور ؟
قلت نعم

قال أبو قدامة .. فلما سمعت مني ذلك دفعت إلي رقعة وخرقة مشدودة ثم انصرفت باكية ..

قال فتعجبت والله من شأنها .. والخرقة بين يدي .. فنظرت في هذه الرقعة فإذا مكتوب فيها :

" يا أبا قدامة .. إتك قد دعوتنا اليوم إلى الجهاد .. وأنا امرأة لا أستطيع الجهاد ولا قدرة لي على ذلك .. ولم أجد مالاً أزودك به لتذهب به إلى المجاهدين .. فقطعت أحسن ما فيَّ .. فهما ضفيرتاي ثم صنعت منهما شكالاً " يعني حبلاً ". . يربط بهما الفرس وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك .. لعل الله تعالى إذا رأى شعري قيد فرسك في سبيله أن يغفر الله تعالى لي وأن يدخلني إلى الجنة "

قال أبو قدامة .. فعجبت والله من حرصها وبذلها لكل ذلك في سبيل الله .. وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة .. مع أنها صنعت أمراً غير مشروع في الدين .. أن تقص شعرها بهذه الطريقة .. لكن شوقها إلى الجنة غلبها على ذلك ..

قال فجعلت هذه الخرقة في بعض متاعي .. ثم لما أصبحنا وصلينا الفجر .. خرجت أنا وأصحابي من الرقة .. فلما بلغنا حصن مسلمة ابن عبد الملك .. فإذا بفـارس يصيـح وراءنا وينـادي يقـول :


يا أبـا قدامــة .. يا أبـا قدامــة قـف علي يرحمـك الله


فقلت لأصحابي تقدموا أنتم عني وأنا أرجع أنظر في خبر هذا الفارس !!

فلما رجعت إليه بدأني بالكلام وقال .. " الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً إلى أهلي "

فقلت له ما تريد رحمك الله ؟ .. قال أريد الخروج معكم للقتال ..

فقلت له .. أسفر عن وجهك فإذا كنت كبيراً يلزمك القتال قبلتك .. وإن كنت صغيراً لا يلزمك الجهاد رددتك ..

قال فكشف اللثام عن وجهه .. فإذا بوجه كمثل القمر .. وإذا هو شاب غلام عمره 17 سنة .. فقلت له : يا بني عندك والد ؟ .. فقال أبي قد قتله الصليبيون وأنا خارج أقاتل الذين قتلوا أبي ..

فقلت له أعندك والـدة ؟ .. قال نعـم
فقلت ارجع إلى أمك فأحسن صحبتها فإنك إذا أحسنت صحبتها فإن الجنة تحت قدميها ..

قال أبو قدامة .. فتعجب مني الغلام وقال : سبحان الله أما تعرف أمي ؟

قلت له لا والله ما أعرف أمك ..

فقال أمي هي صاحبة الوديعة .. قلت وأي وديعة ؟
قال أمي هي صاحبة الشكال .. قلت أي شكال ؟

قال الغلام سبحان الله ما أسرع ما نسيت .. أما تذكر المرأة التي أتت إليك البارحة ثم أعطتك الكيس والشكال " الحبل الذي تربط به فرسك " .. قال أبو قدامة :

فقلت بلى ما خبرها ؟ ..

قال تلك والله أمي أمرتني أن أخرج إلى الجهاد وأقسمت علي أن لا أرجع إليها .. وقالت لي " يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الأدبار واهب نفسك لله واطلب مجاورة الله ومساكنة أبيك واخوانك في الجنة .. فإذا رزقك الله الشهادة فشفع فيَّ " ..

ثم ضمتني إلى صدرها ورفعت بصرها إلى السماء وقالت " إلهـي وسيدي ومولاي .. هذا ولدي .. وريحانة قلبي .. وثمرة فؤادي .. سلمته إليك فقربه من أبيه وأخواله "

قال أبو قدامة .. فعجبت والله من هذا الغلام .. ثم عاجلني الغلام بقولـه " فسألتك بالله يا عمي يا أبا قدامة أن لا تحرمني الغزو في سبيل الله معك .. أنا انشاء الله الشهيد ابن الشهيد .. فإني حافظ لكتاب الله عارفٌ بالفروسية والرمي فلا تحقرني لصغر سني "

قال أبو قدامة .. فلما سمعت ذلك منه لم أستطع والله أن أرده فأخذناه معنا ..

فوالله ما رأينا أنشط منه إن ركبنا فهو أسرعنا .. وإن نزلنا فهو أنشطنا .. وهو في كل أحواله في الطريق وفي النزول لا يفتر لسانه عن ذكر الله جل جلاله أبداً ..

فنزلنا منزلاً لما أقبلنا إلى الثغور مع غروب الشمس وكنا صائمين .. فأردنا أن نطبخ فطورنا وعشاءنا ..

فلما نزلنا أقسم الغلام علينا ألا يصنع لنا الفطور إلا هو .. فأردنا أن نمنعه عن ذلك إذ هو لا يزال في تعب شديد من طول الطريق وعسره .. لكنه أبى علينا ذلك ..

فلما نزلنا قلنا له : تنحّى عنا قليلا حتى لا يؤذينا دخان الحطب ..


قال فجلسنا ننتظر الغلام .. فأبطأ علينا شيئا يسيرا فقال لي بعض أصحابي .. يا أبا قدامة اذهب إلى صاحبك فانظر لنا خبره فما هذا بصنع فطور ولا طعام قد أبطأ علينا كثيرا !!

قال فلما توجهت إليه فإذا الغلام قد أشعل النار في الحطب وقد وضع من فوقها القدر .. ثم غلبه التعب والنوم ووضع رأسه على حجر ثم نام ..

فلما رأيته على هذا الحال .. كرهت والله أن أوقظه من منامه .. وكرهت أن أرجع إلى أصحابي وليس معي طعام لهم ..

فلما رأيت حاله كذلك .. قلت في نفسي أنا أكمل الفطور لأصحابي .. فأخذت أصنعه شيئا يسيرا وأسارق الغلام النظر خلال ذلك ..

فبينما أنا أنظر إلى الغلام .. إذ لاحظت أن الغلام بدأ يتبسم .. ثم اشتد تبسمه .. فتعجبت والله من تبسمه وهو نـائم ..

قال أبو قدامة ثم بدأ الغلام يضحك .. ثم اشتد ضحكه .. ثم استيقظ من منامه ..

قال فلما رأيت الغلام على ذلك عجبت والله .. فلما استيقظ ورآني فزع الغلام وقال :

يا عمي أبطأت عليكم .. قلت له ما أبطأت علينا .. قال دع عنك صنع الطعام أنا أصنعه لكم أنا خادمكم في الجهاد ..

قلت له لا والله ما تصنع فطوراً ولا طعاماً حتى تحدثني بشأنك .. ما الذي جعلك في منامك تضحك !! .. ومن الذي جعلك تتبسم ؟ .. هذا أمر عجيب !!

فقال الغلام يا عمي هذه رؤيا رأيتها .. قلت له بالله عليك ما هذه الرؤيا ؟

قال دعها بيني وبين الله تعالى .. قلت له أقسمت بالله عليك أن تحدثني بهذه الرؤيا !!


فقال الغلام .. رأيت يا عمي في منامي أني قد دخلت إلى الجنة .. فإذا هي في حسنها وبهاءها وجمالها كما أخبر الله عز وجل في كتابه .. فبينما أنا أمشي فيها وأنا في عجب شديد من حسنها وجمالها .. إذ رأيت قصراً يتلألأ أنواراً .. لبنة من ذهب ولبنة من فضة .. وإذا شرفاته من الدر والياقوت والجوهر وأبوابه من ذهب ..وإذا ستور مرخيّة على شرفاته .. وإذا بجوارٍ يرفعن الستور وجوههن كالأقمـار ..

قال .. فلما رأيت حسنهن أخذت أنظر إليهن وأتعجب من حسنهن وجمالهن .. قال فإذا بجارية كأحسن ما ترى من الجواري تحدّث صاحبتها التي عن يمينها وتشير إلي وتقول " هذا زوج المرضيّة .. هذا زوج المرضيّة .. هذا زوج المرضيّة "

يقول وأنا لا أدري من هي المرضية !! .. فسألتها قلت لها أنتِ المرضية ؟ .. فقالت أنا خادمة من خدم المرضيّة .. تريد المرضية أدخل إلى القصر .. تقدم يرحمك الله ..

قال فتقدمت فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر .. عليها سرير من الزبرجد الأخضر .. قوائمه من الفضة البيضاء .. عليه جارية وجهها كأنه الشمس .. لولا أن الله ثبت عليّ بصري لذهب عني ولذهب والله عقلي .. من حسنها وجمالها ومن بهاء السرير وجمال الغرفة ..

قال فلما رأتني الجارية .. بدأتني بالكلام والحديث وقالت : مرحباً بوليّ الله وحبيبه أنا لك وأنت لي ..

قال فلما رأيتها وسمعت كلامها اقتربت منها .. فلما كدت أن أضع يدي عليها قالت لي " يا خليلي يا حبيبي .. أبعدَ الله عنك الخنا قد بقي لك في الحياة شي وموعدنـا معك غداً بعد صلاة الظهر " !!


قال أبو قدامة فتبسمت من ذلك وفرحت والله منه .. فلما سمعت هذا الرؤيا من مثل هذا الغلام قلت له : رأيت خيراً انشاء الله ..

قال أبو قدامة .. ثم إننا أكلنا فطورنا ثم ركبنا على دوابنا ومضينا إلى أصحابنا المرابطين في الثغور ..

قال فلما نزلنا عندهم .. وبتنا عندهم قمنا وصلينا الفجر .. ثم حضر عدونا فقام قائدنا.. وصف الجيوش بين يديه .. ثم تلا علينا صدرا من سورة الأنفال .. وذكرنا بأجر الجهاد في سبيل الله وبثواب الشهادة في سبيل الله .. فما زال يحثنا على الجهاد والقتال ..

قال فينما أنا أتأمل في الناس حولي فإذا كل واحد منهم يجمع حوله إخوانه وأقربائه .. أما الغلام فلا أظن يدعوه إليه ولا عم يقربه إليه .. ولا أخ يجعله بين يديه .. فأخذت أرقبه وأنظر في حاله ..

فلما نظرت .. فإذا الغلام في مقدمة الجيش .. فأخذت أشق الصفوف مشياً إليه .. فلما وصلت إليه قلت له : يا بني ألك خبرة بالقتال والجهاد .. قال لا هذه والله أول معركة وأول مشهد أراه وأقاتل الكفار فيه ..

فقلت له : يا بني إن الأمر على خلاف ما في بالك وذهنك .. إن الأمر قتال .. وإن الأمر دماء وصهيل .. وجولان أبطال ورمي نبال ..

يا بني فكن في آخر الجيش فإن كان نصر انتصرت معنا .. وإن كانت هزيمة لم تكن أنت أول مقتول ..

فنظر إليَّ الغلام متعجباً وقال : أنت تقول لي ذلك !!
قلت له نعم أنا أقول لك ذلك ..

قال يا عم هل تريدني أن أكون من أهل النار ؟
قلت له أعوذ بالله .. لا والله و الله ما جئنا إلى الجهاد إلا هرباً من النار وطلباً للجنان ..

فقال الغلام .. إن الله تعالى يقول " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم "
هل تريدني أن أولهم الأدبار فيكون مأواي جهنم ..

قال أبو قدامة .. فعجبت والله من حرصه ومن تمسكه بهذه الآيات .. فقلت له :

يا بني إن الآية مخرجها على غير كلامك .. فأبى عليَّ الغلام أن يرجع .. فأخذت يده أجذبه حتى أرجعه إلى آخر الصفوف .. فجعل يجذب يده مني .. ثم بدأ القتال فحالت الخيل بيني وبينه ..

فلما بدأ القتال ..جالت الأبطال .. ورميت النبال .. وجرّدت السيوف .. وتكسّرت الجماجم .. وتطايرت الأيدي والأرجل ..

واشتد علينا القتال حتى اشتغل كل منا بنفسه ..


وقال كل خليل كنت آمله .. لا ألهينك إني عنك مشغول


.. حتى إن السيوف والله من شدة الحر فوقنا حتى كأنما هو تنور يُشعل من فوق رؤوسنا .. إن السيوف والله لا تثبت من أيدينا ..

فما زال القتال يشتد علينا .. قد انشغل كل منا عن الآخر بنفسه ..

وما زال يشتد علينا ويزيد .. حتى زالت الشمس ودخل وقت صلاة الظهر .. ثم هـــــزم الله تعالى الصليبيين ..

قال أبو قدامة .. فلما هزمهم اجتمعت مع أصحابي .. ثم صلينا الظهر .. فبدأ كل واحد من الناس يبحث في أقربائه وأحبابه .. أما الغــلام فلا أحد يسأل عنه ولا ينظر في خبره ..


فبينما الحال على هذا .. قلت والله لأنظرن في خبره .. لعله مقتول أو جريح أو لعل بعض أولئك الكفار قد أخذه أسيراً وذهب به معهم .. لما هربوا وولّوا الأدبار ..

فبدأت أمشي بين القتلى والجرحى .. وأتلفت بينهم أنظر .. فبينما أنا على ذلك .. إذ سمعت صوتاً يصيـح من ورائـي ويقـول :


أيها الناس ابعثوا إلي عمي أبا قدامة .. ابعثوا إلي أبا قدامة .. !!


فلتفت إلى مصدر الصوت فإذا الجسد جسد الغلام .. وإذا الرماح قد تسابقت إليه .. والخيل قد وطأت عليه .. فمزقت اللحمان وأدمت اللسان .. وفرّقت الأعضاء وكسّرت العظام .. وإذا هو يتيم ملقى في الصحراء ..

فأقبلت والله إليه .. وانطرحت بين يديه .. ثم صرخت بأعلى صـوتـي قلت :

ها أنا أبو قدامة .. ها أنا أبو قدامة !!

فقال : الحمد لله الذي أحياني إلى أن أوصي إليك فاسمع مني وصيتي ..

قال أبو قدامة .. فبكيت والله على محاسنه وجماله .. وبكيت والله رحمة بأمه المقيمة في الرقة التي فُجعت العام الماضي بأبيه وأخواله وتفجع هذا العام به ..

قال أبو قدامة .. فأخذت طرف ثوبي أمسح الدم عن محاسنه وجماله .. فلما شعر بذلك رفع بصره إلي وقال : يا عم تمسح الدم بثوبك ! .. امسح الدم بثوبي لا بثوبك يا عمي ..


قال أبو قدامة .. فبكيت والله ولم أحر جواباً ..


ثم قال الغلام بصوت ضعيف .. يا عم أقسمت عليك إذا أنا مت أن ترجع إلى الرقة .. ثم تبشر أمي بأن الله قد تقبل هديتها إليه .. وأن ولدها قد قتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر .. وأن الله إن كتبني في الشهداء فإني سأوصل سلامها إلى أبي وأخوالي في الجنة ..

ثم قال .. يا عمي إني أخاف ألا تصدق أمي كلامك .. فخذ معك بعض ثيابي التي فيها الدم .. فإن أمي إذا رأتها صدّقت أني مقتول .. وقل لها إن الموعد الجنة انشاء الله تعالى ..

يا عمي إنك إذا رجعت إلى بيتنا ستجد أختاً لي صغيرة عمرها 9 سنوات .. ما دخلت المنزل إلا استبشرت وفرحت .. ولا خرجت من المنزل إلا بكت وحزنت .. وقد فجعت بمقتل أبي العام الماضي وفجعت بمقتلي هذا العام ..

وإنها قالت لي : عندما رأت علي ثياب السفر .. ورأت أمي تلف الثياب علي " يا أخي لا تبطئ علينا وعجّل الرجوع إلينا " ..

فإذا رأيتها عمي فطيّب صدرها بكلمات وقل لها يقول لك أخوك الله خليفتي عليكِ ..

قال أبو قدامة .. ثم تحامل الغلام على نفسه .. وضاق نفسه في صدره .. وضعف صوته حتى لم أعد أفهم شيئا من كلامه ..

ثم تحامل الغلام على نفسه وقال : يا عمي صدقت الرؤيا والله .. صدقت الرؤيا ورب الكعبة .. والله إني لأرى المرضيّة الآن عند رأسي .. وأشم ريحها ..

قال ثم انتفض صدره .. وتصبّب العرق من جبينه .. ثم شهق شهقات حتى اشتد عليه الشهاق .. ثم مات الغلام من بين يدي ..

قال أبو قدامة .. فأخذت بعض ثيابه التي فيها الدم وجعلتها في كيس ثم دفناه .. ولم يكن عندي هم أعظم من أن أرجع إلى الرقة ثم أبلّغ رسالته إلى أمه ..

قال فرجعت إلى الرقة .. وأنا لا أدري ما اسم أمه .. ولا أين مسكنهم ومأواهم ..


فبينما أنا أمشي في طرقات الرقة .. إذ وقفت إلى منزل قد وقفت عند بابه فتاة صغيرة .. عمرها 9 سنوات تنظر في الغائدين والرائحين .. ما يمر بها أحد ترى عليه أثر السفر إلا سألته وقالت :

يا عمي من أين أقبلت ؟ .. فيقول لها من الجهاد ..
فتقول لهم معكم أخي ؟ .. فيقول ما أدري من أخوك .. ثم يمضي عنها ..

قال أبا قدامة .. فمر بها آخر فقالت له يا أخي من أين أتيت ؟ .. فقال لها أقبلت من الجهاد ..
قالت معكم أخي ؟ .. قال ما أدري من أخوكِ ثم مضى ..

قال فما زالت تسأل الثالث والرابع والخامس والعاشر ..

ثم لما لم تسمع منهم جواباً بكت وخفضت رأسها وقالت " مالي أرى الناس يرجعون وأخي لا يرجع " !!

يقول أبو قدامة .. فلما رأيت حالها كذلك .. أقبلت إليها .. فلما رأت علي أثر السفر وبيدي الكيس قالت لي : يا عم من أين أقبلت ؟ .. قلت لها أقبلت من الجهاد ..

قالت معكم أخي ؟ .. قلت أين أمكِ ؟ ..
قالت أمي بالداخل ..

قلت قولي لها تخرج إلي ..

يقول أبو قدامة .. فلما خرجت غلي العجوز فإذا هي متلفعة بجلبابها .. فلما سمعت صوتها وسمعت صوتي قالت لي : يا أبا قدامة أقبلت معزياً أم مبشراً ..

فقلت لها .. رحمك الله بيني لي ما معنى العزاء وما معنى البشارة ؟

فقالت : إن كنت قد أقبلت تخبرني بأن ولدي قد قتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر فأنت والله مبشر إذ قد تقبل الله هديتي إليه التي أعددتها منذ 17 سنة .. وإن كنت قد أقبلت تخبرني بأن ولدي قد رجع سالماً معه الغنيمة فأنت والله معزي إذ لم يقبل الله تعالى هديتي إليه ..

قال أبو قدامة .. فقلت لها بل أنا والله مبشر .. إن ولدك قد قتل في سبيل الله مقبلا غير مدبر .. وقد وطأت عليه الخيل .. وقد أخذ الله تعالى من دمه حتى رضي ..

فقالت : ما أظنك صادقا ..

قال وهي تنظر إلى الكيس .. والطفلة تنظر إلينا ..

قال ففتحت الكيس ثم أخرجت الثياب إليها .. يتساقط منها الدم .. ويتساقط منها لحم وجهه وشعره .. فقلت لها :
أليست هذه ثيابه .. أليست هذه عمامته .. أليس هذا قميصه الذي ألبستيه إياه بيدكِ ..

قال فلما رأت ذلك العجوز قالت .. الله أكبر وفرحت ..

وأما الصغيرة فقد شهقت ثم وقعت على الأرض ..

يقول فلما وقعت على الأرض ما زالت والله تشهق .. ففزعت أمها .. ثم دخلت إلى البيت وأحضرت ماءً ترشه عليها ..أما أنا فجلست عند رأسها أسكب عليها الماء وأقرأ عندها القرآن ..

فو الله ما زالت تشهق وتنادي باسم أخيها وأبيها .. وأمها عند رأسها تبكي .. فما زالت والله تشهق وما غادرتها إلا ميّته ..

قال فلما ماتت .. أمسكت أمها بيدها ثم جرّتها إلى داخل البيت ثم أغلقت الباب في وجهي ..

ثم سمعتها تقول : اللهم إني قد قدمت زوجي وإخواني وولدي في سبيلك .. اللهم فلعلك أن ترضى عني وأن تجمعني بهم في جنتك ..

قال أبو قدامة .. فأخذت أطرق الباب لعلها أن تفتح الباب أعطيها شي من المال .. أو لأحدث الناس بخبرها حتى يرتفع شأنها بينهم ..


فوالله ما فتحت لي ولا ردّت إلي جواباً .. فوالله ما رأيت أعجب منها !! ..

اللهم إني أسألك الشهادة في سبيلك
اللهم بلغنا منازل الشهداء ولا تحرمنا أجرهم يارب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شذا الروح
مشرفة قسم الحوار والنقاش الهادف
مشرفة قسم الحوار والنقاش الهادف



عدد المساهمات : 501
تاريخ التسجيل : 06/07/2010
العمل/الترفيه : طالبة

اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها    اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها  Emptyالجمعة ديسمبر 17, 2010 11:51 pm

جزيت خير أخي المبارك اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها  0105
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشقة الخيال
مديرة المنتدى
مديرة المنتدى
عاشقة الخيال


عدد المساهمات : 6728
تاريخ التسجيل : 21/05/2009
العمل/الترفيه : النت والقراءة وكتابة القصص

اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها  Empty
مُساهمةموضوع: رد: اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها    اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها  Emptyالأحد ديسمبر 26, 2010 7:15 am

جزاااااااااك الله الفردوس الاعلى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elham.hooxs.com
 
اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا هم إليها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دعوة الى الجنة....
» ذنب يدخلك الجنة...
» مفتاح الجنة
» هل رأيت الجنة ..؟؟
» هل رأيت الجنة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عشاق الجنة :: المنتديات الاسلامية :: اسلاميات-
انتقل الى: