"إذا عارضت الزوجة زوجها ضرب برأيها عرض الحائط.. وإذا عارض الزوج زوجته ضربت برأسه نفس الحائط!".
مقولة يعاني منها الرجال، وطبعا تنكرها النساء.. وبالتأكيد ليس هذا طبع الزوجات جميعهن، فبعضهن (والشهادة لله) يكتفين فقط -إذا ما تجرأ الزوج (ووزه الشيطان)، وأعلن عن رأيه في أمر من الأمور- بإيذائه إيذاء خفيفا لا يصل للصورة السابقة.. فهذا زوج أعور.. وأداة الجريمة قلم رصاص، وهاك آخر يعرج.. قذفته زوجته بكرسي على قدميه، وهاك رجل ينزف.. حاول أن يدافع عن نفسه، وفكر مجرد تفكير أن يلكم زوجته ليرد لها الصاع صاعين، لكنها بمهارة مصارع ثيران محترف جعلته يلبس في الحائط!
فالزوجة العنيفة لا تستمتع بحق إلا حينما تؤذي صاحبنا المسكين "على سبيل التأديب طبعا"؛ فهي من وجهة نظرها تقوم بواجب تربوي محض يمليه عليها ضميرها الزوجي، ولا تمارس ذلك كنوع من التسلط لا سمح الله ولا حاجة! والدليل أنها كثيرا ما تأخذها به الرحمة فتكتفي عندما يحتدم بينهما نقاش بقليل من عبارات السباب.. ورزع الأبواب.. وقذف الشباشب..!
والصورة النمطية للمرأة أنها كائن رقيق، وأنها الأضعف في علاقتها بالرجل الذي يتفوق عليها على الأقل ماليا وجسديا في أغلب الأحيان -وليس كلها-, وهذه الصورة ربما تجعل تصور امرأة تضرب زوجها أمرا مستبعدا، أو على الأقل مستهجنا أو طريفا, ولكن في الواقع حين تتعرض المرأة لحالة من القهر والاستبداد والإهانة والقسوة لمدة طويلة, أو حين يمارس زوجها معها ألوانا من العدوان السلبي تتفجر بداخلها قوة انتقام هائلة تمنحها طاقة عدوانية غير متوقعة لأحد , وهذه الطاقة لا تمكنها فقط من الضرب، ولكن أحيانا تمكنها من القتل وبأبشع الوسائل.
اعرف زوجتك
فإن كانت زوجتك تنتمي لهذا القطاع العنيف فلا تبتئس، فلتدع لها بالهداية، ولتدع لنفسك بالرحمة، ولكن وقبل أن تحمل لقب "مرحوم" عليك أن تعرف أن لكل داء دواء، صحيح أن داءها عضال.. لكن ربما حينما تبحر معنا في السطور القادمة التي نعرض لك فيها بعض سمات الزوجة العنيفة، والطريقة المثلى للتعامل معها، تستطيع أن تعرف نقاط ضعفها، ومكامن قوتها، فتجد السبيل إلى ترويضها، وتجنب ويلاتها، وتصل إلى النقطة التي تجعلها تتفاعل معك وتحترمك بالشكل المطلوب، حتى لا يتحول منزلك في يوم من الأيام إلى مذبحة القلعة، أو ينتهي بك المآل إلى أكياس الزبالة، أو تجد نفسك مرغما رغم ابتعادك عن السياسة ترفع شعار "كفاية" داخل أسوار البيت!.
فالزوجة العنيفة امرأة متمركزة حول ذاتها.. غير ناضجة من الناحية العاطفية والانفعالات، تتجاهل وجهة نظرك، ولا ترغب في الاستماع إلا لرأيها ورأيها فقط؛ لأنها لا تحب أن ترضخ لأوامر أحد، ولا تقيم وزنا لأي رأي ولو كان مصيبا.
وهي لا تملك الحجة؛ ولذلك غالبا ما تلجأ للصوت العالي وأسلوب الإهانة لإرهاب الآخر وفرض رأيها عليه.. ليس لديها احترام للآخرين، وتحاول النيل منهم إذا لم يستجيبوا لوجهة نظرها.. قاسية في تعاملاتها.. لديها مشكلة في طريقة التفكير، وتفتقد إلى التعاون والتواصل مع الآخرين والتعبير عن النفس.. ترفض الحقائق الثابتة لإظهار ذاتها.. متسرعة.. تميل إلى الشك فيمن حولها حتى أقرب الناس إليها.. ضعيفة النفس، وينقصها الهدف في الحياة.
أنت السبب والحق عليك
وقد تساهم عزيزي الزوج دون أن تدري في تكريس سلوك العنف لدى زوجتك؛ بإهمالك لمسئولياتك، وتحليك بصفات السلبية والاعتمادية؛ مما يجعل الزوجة تتحمل مسئولية الأسرة بالكامل، وشيئا فشيئا تكتسب صفات القوة والخشونة لكي تحافظ على استقرار الأسرة , فالعنف في هذه الحالة ليس صفة أساسية فيها، ولكنه من صنعك أنت، لذلك تجني وحدك ثماره المرة.
ولتكن على يقين أن الزوج الضعيف الشخصية هو الذي يدفع زوجته بضعفه إلى أن تتعامل معه بمنتهى العنف والقسوة؛ فقد أشار علماء الاجتماع إلى أن الزوجة من هذا الطراز تستغل تسامح زوجها معها ورغبته في تجاوز المشاكل حتى يتنازل عن رأيه متفاديا تعقيد الأمور، فيزداد إصرارها على أن يتنازل كل مرة حتى تلغيه تماما، ويقوى هذا الأمر معها تدريجيا حتى يصير الزوج ألعوبة تماما في يديها؛ فلا يبرم عقدا ولا يفعل شيئا إلا بأمرها وإذنها، ولا يستطع مجرد إعلان معارضته لها، بل ولا تتورع بعض الزوجات عن أن تعتدي على زوجها بالضرب عندما تجده ضعيفا أمام محاولاتها لفرض سيطرتها عليه.
وضرب الزوجة لزوجها قد يكون حدثا عارضا في لحظة انفعال شديد, وقد يكون حدثا متكررا منذ فترة طويلة, وقد يكون سلوكا معتادا ومزمنا في العلاقة بين الزوجين، وأحيانا يكون العنف طبيعة فطرية فيها، أو موروثا تأخذه الفتاة عن والدتها أكثر مما تأخذه عن أبيها، أو يكون تقليدا للأم، فالمرأة التي نشأت وترعرعت في بيت تتحكم فيه الأم وتقود دفته تحاول أن تحذو نفس الحذو في بيتها ومع زوجها، بل وربما تتعمد اختيار زوجا ضعيف الشخصية حتى يتحقق لها ما تريد.
والمشكلة في هذا العنف الأنثوي أيا كانت أسبابه ليس فقط في التأثير النفسي للضرب على الزوج، ولكن المشكلة الكبرى تكمن في تأثير ذلك على صورة الأب الذهنية أمام أبنائه وأيضا صورة الأم؛ لأن هذا يؤدي إلى صور تربوية مشوهة ومعكوسة تنطبع في أذهان الأبناء والبنات فتؤدي إلى مشاكل جمة في علاقاتهم الحالية والمستقبلية؛ لأنهم لم يعرفوا النموذج السوي في العلاقة بين الرجل والمرأة.
الكرامة.. خط أحمر
ولا شك أن عليك أيها الزوج المغلوب على أمره دورا لعلاج هذا العنف لدى زوجتك، سواء كان طبعا متأصلا فيها أو سلوكا عارضا، فإن كان الأول فلتسرع في العلاج، وإن كان الأخير فلتأخذ الحيطة قبل أن يستفحل الداء.. فأحسبك تعلم أن درهم وقاية خير من قنطار علاج.
1- فلا تكن ضعيفا.. بل كن قويا حازما في التعامل معها، ولا تنتظر منها الموافقة على مسئولياتك، وضاعف من ثقتك بنفسك، وأجبرها على احترامك، ولا تترك لها مجالا لتهينك، وليكن إنهاء الحديث من طرفك قبل أن تسبق هي إلى إنهائه؛ فربما تريد زوجتك أن ترى رجولتك من خلال افتعال المشاكل حتى ترى ما أنت فاعل.
2- اجعل كرامتك خطا أحمر لا تسمح لزوجتك أن تتعداه.. ليس فقط لأن هذا من سبيل الرجولة وهو سبب وجيه، ولكن أيضا للحفاظ على الأسرة وصحة الأبناء النفسية.
3- أنت في حاجة إلى إجادة مهارات الدبلوماسية العائلية، فكن حكيما في تصرفاتك معها؛ فالمرأة لا تحب الرجل الذي تسيطر عليه، وهي أيضا لا تحب التشديد والتضييق عليها من قبل زوجها، لذا كن وسطا فلا تسمح لها بالتجاوز معك، وفي نفس الوقت لا تتعامل معها بحدة.. فلا تبالغ في التنازل عن حقوقك، ولا تكلفها بما يفوق طاقتها.
4- لا تأخذ قراراتك إلا بعد تفكير، ولا تقطع وعدا إلا وأنت متأكد أنك قادر 100% على تنفيذه، وفي حالة طلبها منك أي شيء لا تستعجل بالرد ثم تغير كلامك، فاحرص على أن تكون حكمتك في مكانها ولا تكون متقلبا.
5- حتى لا يتصاعد الخلاف ويدخل في مساحات غير مرغوب فيها يجب أن تتعلم الانسحاب؛ فمع الغضب سيشتعل الموقف ويزداد تعقيدا حيث ستكون الكلمات والألفاظ غير محسوبة، وربما كان همها لحظتها أن تنتقم لنفسها وتؤذيك بأقصى درجة، فتستخدم ما تدرك أنه يغيظك في حين أنها لو هدأت ما كانت لتقول ذلك أو حتى تفكر أن تتفوه به.
6- اجعل الصمت هو أسلوب عقابك لزوجتك عند التطاول عليك، وإشعارها أنها لا تستحق الحديث معك حتى تحترم لغة الحوار بينكما، واحذر أن تهينها بالكلام الجارح فهذا سوف يزيد من تطاولها عليك وينتقص من هيبتك، ولكن اهجرها بالبيت حتى تبادر بالاعتراف بالخطأ والاعتذار إليك.
7-لا تبالغ في إظهار حبك لها حتى لا تتعامل معه بنوع من الاعتياد؛ ولكي تشعرها بأنها حتى تحافظ على رصيدها العاطفي لديك فلابد أن تغير أسلوبها معك، وتسعى جاهدة إلى إرضائك.
8- قد يكون من المفيد التفكير في استثمار طاقات زوجتك في استكمال دراستها، أو في عمل يناسبها ويشغل وقتها، فإن العمل المناسب لظروف الزوجة وأسرتها أفضل من الجلوس في البيت للتوافه والصغائر التي لا يخلو منها بيت.
9- اجلس مع نفسك وافتح دفتر تاريخ حياتك الزوجية معها لتعرف إيجابياتها وسلبياتها، ثم اجلس معها جلسة هادئة توضحان فيها الإيجابيات والسلبيات التي تنغص عليكما صفو العيش، على أن يكون ذلك بأسلوب هادئ؛ فالهدوء له نتائج رائعة، وإن لم تنجح المحاولة فكرر مرة واثنتين وثلاثة.
10- اسمع منها ما تكرهه فيك وما تحبه، فإذا أدركت أن الخلل منك فشمر عن ساعد الجد لتغيير نفسك، وصدق الله العظيم حيث قال: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
11- تجنب الإلحاح والحديث بلغة الأمر عندما تطلب أمرا من زوجتك، واعرض ما تريده بطريقة الاختيار، كأن تقول: لقد فكرت في هذا الأمر بهذه الصورة، ففكري بها، وأثق أنك ستختارين ما فيه صالح أسرتنا.
12- تحدث معها بملامح هادئة ونبرات صوت خالية من التحدي والاستفزاز عند الاختلاف حول أمر من الأمور.
13- اجعل بينكما حالة من التواصل المستمر في كل تفاصيل الحياة؛ ليكون الحوار عند الخلاف استمرارا للتفاهم الموجود أصلا، وليس دعوة نلجأ إليها كلما احتدم الخلاف.
بالحب تصنع المعجزات
والآن ننتقل إلى حزمة أخرى من النصائح، فالحديث لم يفرغ بعد، ودورك لم ينته عند هذا الحد، ولابد أن تعرف أن للحب طاقة شفائية تجلب الخير وتقوم النفس، فلتنشر بالحب ما تريده حتى يتم إصلاح زوجتك، وتستطيع بذلك تحويل الطاقة السلبية عندها إلى طاقة إيجابية جاذبة للنور والخير، لذلك احرص في تصرفاتك اليومية معها على الخطوات التالية لتقضي على ما بداخلها من شر، ولتفوز بأحلى ما لديها من صفات، وتتذوق أعذب مشاعر الود والحب الذي تكنه لك وتحجبه عنك للأسباب النفسية والاجتماعية السابق ذكرها.
-حاول أن تقترب أكثر من زوجتك، وأشركها في أمور حياتك؛ فالمرأة تحب الاهتمام من الرجل، وأشعرها بالخصوصية وأنك تريد منها أن تكون مسئولة عن متطلباتك الشخصية مسئولية كاملة؛ لتقلل الفجوة التي بينكما.
- تبسم في وجهها وأسمعها عذب الكلام.. وتذكرها بهدية ما بمناسبة أو حتى بغير مناسبة، واشترِ لها ما تحبه، وما ترغب هي فيه لتجدها أطوع لك من بنانك.
- تواضع لها حتى لو شعرت أنها ظالمة؛ لأنها في الحقيقة ضحية لأنماط تربوية خاطئة ونظرات اجتماعية ظالمة.
- ابحث عن مشتركات بينك وبينها, وحتى إذا لم تجد فاختلق شيئا من عندك يجعلها تشعر أنك تشبهها في أمر ما؛ فالشبه بين الأزواج يقربهم من بعضهم البعض.
- تودّد إليها بالإصغاء لمشكلاتها.. واجعل حديثك معها متنفسا لها تحكي لك من خلاله ما يضايقها ويكدر حياتها، ولله در القائل: «أعقل العقل بعد الدين: التودد إلى الناس»، والزوجة هي الأقرب إليك من الناس جميعا.
- هيئ جوا من المرح داخل المنزل، بعيدا عن الأمور الاقتصادية والمشاكل اليومية وضغوط الحياة.
- كن حريصا على أسرار حياتكما الخاصة، وإذا أردت أن تطلع أهلك على شأن من شئونكما لهدف أو مصلحة فأخبر زوجتك قبل أن تفعل؛ فربما يكون هذا السلوك يضايقها منك، ولكنها تكتم غضبها ليظهر في صورة عنف في سلوكها العام تجاهك.
- أثبتت الدراسات أن الإساءة إلى أهل الزوجة من أهم أسباب عنف المرأة، لذا أوصيك بحسن التعامل مع أسرتها، ولكن دون مبالغة في المجاملة حتى لا تأتي بنتائج عكسية.
- لا تكثر من الحديث عن نفسك، وداوم على الاستماع إليها بهدوء ودون تحفز، ولا يشترط إطلاقا التطابق في وجهات النظر في مختلف الأمور، ويكفي التفاهم في الأمور الرئيسية، مع الاحترام المتبادل، وعدم السعي لفرض وجهة النظر على بعضكما البعض.
- وضح لها أهمية الأسرة ودور الزوجة في رعايتها كما أوصى الإسلام، وأهمية طاعة الزوج والإخلاص له، واستمعوا معا إلى دروس في الدين ولاسيما الأسرة المسلمة؛ لتتعلم دينها وتعرف أن رضا الله من رضا الزوج.
ونهاية عزيزي الرجل عليك أن تعلم أنك لبيتك راع ولأسرتك قائد فيجب عليك أولا أن ترعى أهلك وتحميهم وتتولى أمورهم، وتسد حاجتهم على قدر استطاعتك ورزقك، وبالتالي أنت صاحب القوامة على بيتك فلا تستباح كرامتك ولا تهان في أهلك، وإلا لو كنت كذلك وأنت في بيتك فكيف بك خارجه؟! ولكن هذا لا يعني أن تمتهن زوجتك وتحقر من شأنها، أو تسيء معاملتها، بل على العكس عليك أن تعرف أن احتواءها ورعايتها بكل الحب والحنان هو المعنى الحقيقي للقوامة، وأن إهانتها هو النقص بعينه
[/size]